الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.مناسبة قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)} لما قبله: قال البقاعي:ولما جعل المماثلة حدًا وكان أمرها خفيًا والوقوف عنده بعد استرسال النفس بإرسالها صعبًا حذر من تعديه بعد الإذن في القصاص الذي جر أغلبه بتسميته اعتداء على وجه نادب إلى العفو للمستبصر فقال: {واتقوا الله} أي المحيط علمًا بكل شيء بالتحري في القصاص حتى لا تتجاوزوا {واعلموا} وأظهر ولم يضمر لئلا يقيد بالتقوى في باب الاعتداء مثلًا فقال: {أن الله} أي الذي له جميع صفات الكمال معكم إن اتقيتم بالتحري فيه أو بالعفو فإن الله {مع المتقين} ومن كان الله معه أفلح كل الفلاح «وما زاد الله عبدًا بعفو إلاّ عزًا».قال الحرالي: ففي ضمنه إشعار وتطريق لمقصد السماح الذي هو خير الفضائل من وصل القاطع والفعو عن الظالم، ولما كان في هذه التقوى خروج عن حظ النفس أعلمهم أنه تعالى يكون عوضًا لهم من أنفسهم بما اتقوا وداوموا على التقوى حتى كانت وصفًا لهم فأعلمهم بصحبته لهم. انتهى.وقوله: {واتقوا الله} أمر بالاتقاء في الاعتداء أي بألا يتجاوز الحد، لأن شأن المنتقم أن يكون عن غضب فهو مظنة الإفراط. اهـ..من أقوال المفسرين: .قال الألوسي: {الشهر الحرام بالشهر الحرام} قاتلهم المشركون عام الحديبية في ذي القعدة قتالًا خفيفًا بالرمي بالسهام والحجارة، فاتفق خروجهم لعمرة القضاء فيه فكرهوا أن يقاتلوهم لحرمته. فقيل: هذا الشهر الحرام بذلك، وهتكه بهتكه فلا تبالوا به {والحرمات قِصَاصٌ} أي الأمور التي يجب أن يحافظ عليها ذوات قصاص أو مقاصة، وهو متضمن لإقامة الحجة على الحكم السابق، كأنه قيل: لا تبالوا بدخولكم عليه عنوة، وهتك حرمة هذا الشهر ابتداءًا بالغلبة، فإن الحرمات يجري فيها القصاص فالصد قصاصه العنوة فإن قاتلوكم فاقتلوهم. اهـ.ومعنى كونها قصاصًا أي مماثلة في المجازاة والانتصاف، فمن انتهكها بجناية يعاقب فيها جزاء جنايته، وذلك أن الله جعل الحرمة للأشهر الحرم لقصد الأمن فإذا أراد أحد أن يتخذ ذلك ذريعة إلى غدر الأمن أو الإضرار به فعلى الآخر الدفاع عن نفسه، لأن حرمة الناس مقدمة على حرمة الأزمنة، ويشمل ذلك حرمة المكان كما تقدم في قوله تعالى: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلونكم فيه} [البقرة: 191]، والإخبار عن الحرمات بلفظ قصاص إخبار بالمصدر للمبالغة. اهـ..قال ابن عرفة: قوله تعالى: {الشهر الحرام بالشهر الحرام}.ابن عطية: عن ابن عباس رضي الله عنه وجماعة صد النبي عن البيت سنة ست ودخلها سنة سبع فنزلت آية: {الشهر الحرام} الذي دخلتم فيه الحرم {بالشهر الحرام} الذي صدوكم فيه عنه.وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: سأله الكفار هل يقاتل في الشهر الحرام؟.فقال: لا، فهمُّوا بالهجوم عليه فيه فنزلت، أي هو عليكم كما هو عليهم إن تركوا فيه القتال فاتركوه وإلا فلا.قال ابن عرفة: الأول: بناء على أنهما شهران من سنتين، والثاني: على أنه شهر واحد من سنة واحدة وتعدده لأجل تعدد حالاته. اهـ..قال القرطبي: {والحرمات قِصَاصٌ} الحُرُمات جمع حُرْمة، كالظُّلُمات جمع ظُلْمة، والحُجُرات جمع حُجرة. وإنما جُمعت الحُرُمات لأنه أراد حُرْمة الشهر الحرام وحُرْمة البلد الحرام، وحُرْمة الإحرام. والحُرْمة: ما مُنِعتَ من انتهاكه. اهـ..قال البقاعي: {فمن} أي فتسبب عن هذا أنه من {اعتدى عليكم} أي تعمد أذاكم في شيء من الأشياء في أي زمان أو مكان كان {فاعتدوا عليه} أي فجاوزوه، سمي اعتداء مشاكلة تقوية لعزائمهم وتوطينًا لهممهم أي افعلوا وإن سماه المتعنت بغير ما يحق له {بمثل ما اعتدى} أي عدوانه {عليكم} أي بمثل الذي اعتدى عليكم به، ولعله أعاد الظرف وإن أفهمه الأول لدفع تعنت من لعله يقول: الكلام شامل لاعتدائه علي وعلى غيري فلي أن أقابله بأعلى ما وقع له من ذلك، لأن المراد ردعه ولو لم يرد الحكم هذا لقيد بما ينفيه. اهـ..قال ابن عاشور: وقوله: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه} تفريع عن قوله: {والحرمات قصاص} ونتيجة له، وهذا وجه قول الكشاف: إنه فذلكة، وسُمي جزاء الاعتداء اعتداء مشاكلة على نحو ما تقدم آنفًا في قوله: {فلا عدوان إلا على الظالمين} [البقرة: 193].وقوله: {بمثل ما اعتدى عليكم} يشمل المماثلة في المقدار وفي الأحوال ككونه في الشهر الحرام أو البلد الحرام. اهـ..قال الألوسي: {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ} فذلكة لما تقدمه، وهو أخص مفادًا منه لأن الأول: يشمل ما إذا هتك حرمة الإحرام والصيد والحشيش مثلًا بخلاف هذا، وفيه تأكيد لقوله تعالى: {الشهر الحرام بالشهر الحرام} ولا ينافي ذلك فذلكيته معطوفًا بالفاء والأمر للإباحة إذا العفو جائز ومَنْ تحتمل الشرطية والموصولية، وعلى الثاني: تكون الفاء صلة في الخبر والباء تحتمل الزيادة وعدمها، واستدل الشافعي بالآية على أن القاتل يقتل بمثل ما قتل به من محدد، أو خنق، أو حرق، أو تجويع، أو تغريق، حتى لو ألقاه في ماء عذب لم يلق في ماء ملح؛ واستدل بها أيضًا على أن من غصب شيئًا وأتلفه يلزمه رد مثله، ثم إن المثل قد يكون من طريق الصورة كما في ذوات الأمثال وقد يكون من طريق المعنى كالقيم فيما لا مثل له. اهـ..قال ابن العربي: قَوْله تَعَالَى: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ بِكْرٌ.قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: إنَّمَا سُمِّيَ الْفِعْلُ الثَّانِي اعْتِدَاءً، وَهُوَ مَفْعُولٌ بِحَقٍّ، حَمْلًا لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ.قَالُوا: وَعَلَى هَذَا جَاءَ قَوْله تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}.وَاَلَّذِي أَقُولُ فِيهِ: إنَّ الثَّانِيَ كَالْأَوَّلِ فِي الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الِاعْتِدَاءِ فِي اللُّغَةِ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ مَوْجُودٌ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي؛ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَلِّقُ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ فَالْأَوَّلُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالثَّانِي مَأْمُورٌ بِهِ، وَتَعَلُّقُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ لَا يُغَيِّرُ الْحَقَائِقَ وَلَا يَقْلِبُ الْمَعَانِيَ؛ بَلْ إنَّهُ يُكْسِبُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْأَمْرُ وَصْفَ الطَّاعَةِ وَالْحُسْنِ، وَيُكْسِبُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ النَّهْيُ وَصْفَ الْمَعْصِيَةِ وَالْقُبْحِ؛ وَكِلَا الْفِعْلَيْنِ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَكِلَا الْفِعْلَيْنِ يَسُوءُ الْوَاقِعُ بِهِ: وَأَحَدُهُمَا حَقٌّ وَالْآخَرُ بَاطِلٌ. اهـ..قال الشنقيطي: قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} الآية، هذه الآية تدل على طلب الانتقام، وقد أذن الله في الانتقام في آيات كثيرة كقوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} الآية، وكقوله: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ}، وكقوله: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} الآية، وقوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ}، وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}، وقد جاءت آيات أخر تدل على العفو وترك الانتقام كقوله: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}، وقوله: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}، وقوله: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}، وقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، وكقوله: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا}. والجواب عن هذا بأمرين:أحدهما: أن الله بيّن مشروعية الانتقام ثم أرشد إلى أفضلية العفو، ويدل لهذا قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}، وقوله: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ}، أذن في الانتقام بقوله: {إِلا مَنْ ظُلِمَ}، ثم أرشد إلى العفو بقوله: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}.الوجه الثاني: أنّ الانتقام له موضع يحسن فيه، والعفو له موضع كذلك، وإيضاحه أن من المظالم ما يكون في الصبر عليه انتهاك حرمة الله، ألا ترى أنّ من غصبت منه جاريته مثلا إذا كان الغاصب يزني بها فسكوته وعفوه عن هذه المظلمة قبيح وضعف وخور، تنتهك به حرمات الله، فالانتقام في مثل هذه الحالة واجب، وعليه يحمل الأمر{فَاعْتَدُوا} الآية، أي كما بدأ الكفار بالقتال فقتالهم واجب، بخلاف من أساء إليه بعض إخوانه من المسلمين بكلام قبيح، ونحو ذلك فعفوه أحسن وأفضل، وقد قال أبو الطيب المتنبي:.قال القرطبي: قوله تعالى: {فَمَنِ اعتدى} الاعتداء هو التجاوز؛ قال الله تعالى: {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله} [الطلاق: 1] أي يتجاوزها؛ فمن ظلمك فخذ حقّك منه بقدر مظلمتك، ومن شتمك فردّ عليه مثلَ قوله، ومن أخذ عِرْضَك فخذ عِرضه؛ لا تتعدّى إلى أبويه ولا إلى ابنه أو قريبه، وليس لك أن تَكذِب عليه وإن كذب عليك، فإن المعصية لا تُقابل بالمعصية؛ فلو قال لك مثلًا: يا كافر، جاز لك أن تقول له: أنت الكافر. وإن قال لك: يا زان، فقصاصك أن تقول له: يا كذّاب يا شاهد زُور. ولو قلت له يا زانٍ، كنت كاذبًا وأثِمَت في الكذب. وإن مَطَلك وهو غنيّ دون عُذر فقل: يا ظالم، يا آكل أموال الناس؛ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عِرْضَه وعقوبَتَه» أمّا عِرْضه فبما فسّرناه، وأمّا عقوبته فالسجن يُحبس فيه. وقال ابن عباس: نزل هذا قبل أن يقوَى الإسلام؛ فأمَرَ مَن أُوذِيَ من المسلمين أن يُجازِي بمثل ما أوذِيَ به، أو يَصبر أو يعفو؛ ثم نسخ ذلك بقوله: {وَقَاتِلُواْ المشركين كَآفَّةً} [التوبة: 36]. وقيل: نسخ ذلك بتصييره إلى السلطان. ولا يَحِلّ لأحد أن يقتصّ من أحد إلا بإذن السلطان. اهـ.وقوله: {فاعتدوا} ليس أمرًا على التحتم إذ يجوز العفو، وسمي ذلك اعتداءً على سبيل المقابلة. اهـ..من لطائف وفوائد المفسرين: .من لطائف القشيري في الآية: إذا تقابل حقان كلاهما لله فَسَلِّم الوقت بحكم الوقت، ودَلْ مع إشارات الوقت، وإياك أن ترجح أحدهما على الآخر بمالَكَ من حظ- وإنْ قَلَّ- فتُحَجَب عن شهود الحق، وتَعْمَى بصيرةُ قلبك. وكلُّ ما كان إلى خلاف هواكَ أقرب، وعن استجلابِكَ وسكونكَ إليه أبعد- كان ذلك في نفسه أصوبَ.{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ}: الذين اتقوا إيثار هواهم على ما فيه رضاه، فإذا قاموا لله- فيما يأتون- لا لَهُم فإن الله تعالى بالنصرة معهم، قال تعالى: {إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7]. اهـ..فائدة في الشهر المقصود في الآية: إطلاق الشهر هنا على حذف مضاف واضح التقدير من المقام ومن وصفه بالحرام، والتقدير حرمة الشهر الحرام، وتكرير لفظ الشهر على هذا الوجه غير مقصود منه التعدد بل التكرير باعتبار اختلاف جهة إبطال حرمته أي انتهاكهم حرمته تسوغ لكم انتهاك حرمته. اهـ..فائدة في نوع الباء في قوله: {بالشهر الحرام}: الباء في قوله: {بالشهر الحرام} للتعويض كقولهم: صاعًا بصاع وليس ثمة شهران بل المراد انتهاك الحرمة منهم ومنكم وهما انتهاكان.والتعريف في الشهر هنا في الموضعين يجوز أن يكون تعريف الجنس وهو الأظهر، لأنه يفيد حكمًا عامًا ويشمل كل شهر خاص من الأشهر الحرم على فرض كون المقصود شهر عمرة القضية، ويجوز أن يكون التعريف للعهد إن كان المراد شهر عمرة القضية.والأشهر الحرم أربعة: ثلاثة متتابعة هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وحرمتها لوقوع الحج فيها ذهابًا ورجوعًا وأداء، وشهر واحد مفرد وهو رجب وكان في الجاهلية شهر العمرة وقد حرَّمته مضر كلها ولذلك يقال له: رَجبُ مضر، وقد أشير إليها في قوله تعالى: {منها أربعة حرم} [التوبة: 36]. اهـ..فائدة في معنى الاعتداء: قال ابن عرفة: فاعتدوا اعتداء جائزا شرعيا فلا يجوز لمن زني بأخته أو ابنته أن يزني بأخت الزاني أو ابنته. اهـ..فائدة في مكان نزول الآية: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية وما بمعناها بمكة، والإسلام لم يعز، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعز دينه، أُمرالمسلمون برفع أمورهم إلى حكامهم، وأُمروا بقتال الكفار.وقال مجاهد: بل نزلت هذه الآية بالمدينة بعد عمرة القضاء، وهو من التدريج في الأمر بالقتال. اهـ..فائدة في المماثلة في القصاص: قال القرطبي:لا خلاف بين العلماء أن هذه الآية أصل في المماثلة في القصاص؛ فمن قَتل بشيء قُتِل بمثل ما قَتل به؛ وهو قول الجمهور، ما لم يقتله بفسق كاللُّوطية وإسقاء الخمر فيُقتل بالسيف. وللشافعية قول: إنه يُقتل بذلك؛ فيُتّخذ عود على تلك الصفة ويُطعن به في دُبُره حتى يموت، ويُسقى عن الخمر ماء حتى يموت. وقال ابن الماشجون: إن من قتل بالنار أو بالسمّ لا يُقتل به؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا يعذِّب بالنار إلا الله» والسمّ نار باطنة. وذهب الجمهور إلى أنه يُقتل بذلك؛ لعموم الآية. اهـ.
|